مقدمة سوسيا

بتسيلم:  تم النشر في: 19.8.12 تم التعديل في: 7.5.15

خربة سوسيا، جنوب الخليل: قرية كاملة تحت خطر الهدم. تصوير: إن بك، أكتيف ستيلز، 15.6.2012

خلفيّة

تقع قرية خربة سوسيا الفلسطينية جنوبي جبال الخليل، منذ سنوات الثلاثين من القرن التاسع عشر. وقد اعتاش أهلها على رعي المواشي وزراعة أشجار الزيتون. في عام 1983 أقيمت بجوار القرية مستوطنة سوسيا على أراض فلسطينية جرى الإعلان عنها أراضيَ دولة. وفي عام 1986 بلغ عدد العائلات التي سكنت خربة سوسيا، في المباني والمُغر، قرابة 25 عائلة. وفي تلك السنة أعلنت الإدارة المدنية عن منطقة القرية “موقعًا أثريًا”، ثم صودرت الأراضي “لأغراض عامة” وطرد الجيش الإسرائيلي سكانها من بيوتهم. ودون وجود أي خيار، انتقلت العائلات إلى مُغر أخرى في المنطقة وإلى خيم وعرائش أقاموها على أراض زراعية تبعد بضعة مئات الأمتار جنوبي-شرقي القرية الأصلية والموقع الأثريّ. في تموز 2001، وبعد فترة قصيرة على قتل فلسطينيين ليئير هار سيناي، من سكان مستوطنة سوسيا، قامت قوات الجيش الإسرائيلي بطرد سكان القرية مجدّدًا، لتكون هذه آخر مرّة من ضمن مرّات عديدة. وقد جرت عملية الطرد بلا تحذير حيث هدم الجنود خلالها ممتلكات السكان ودمروا المغر وسدّوا آبار المياه. وفي أعقاب التماس إلى المحكمة العليا قدّمه سكان القرية بواسطة المحامي شلومو ليكر، أصدرت المحكمة في أيلول 2001 أمرًا مؤقتًا منع استمرار الهدم إلى حين البتّ في الالتماس.

Susiya village photo taken sometime in the 80s

الصورة قرية سوسيا التي اتخذت في 1980 في وقت مبكر

في السنوات التي تلت ذلك، وفيما كان الالتماس عالقًا، اضطرّ السكان لمواجهة وضعيّة غير معقولة: فمن جهة كانوا مضطرّين لتشييد مبانٍ سكنيّة لهم وللمواشي بعد أن هدم الجيش المباني التي كانوا يستخدمونها. ومن جهة أخرى، رفضت الإدارة المدنيّة تجهيز خارطة هيكليّة للقرية تُمكّن السكان من تشييد بيوتهم بشكل قانونيّ والارتباط بشبكتي المياه والكهرباء، وقد رُفضت طلبات قدّمها السكان للحصول على رخص بناء. وقد اضطرّ سكان خربة سوسيا، مُكرهين، لتشييد بيوت عشوائية وخيمًا سكنيّة، لتقوم الإدارة المدنية بإصدار أوامر هدم للمباني الجديدة التي شُيدت، حيث ادّعت أنّ قرار المحكمة المؤقت لا يسري عليها. في حزيران 2007 شطبت المحكمة “العليا” الالتماس، من دون البتّ فيه. وقد واصلت الإدارة المدنيّة إصدار أوامر هدم لعشرات المباني في خربة سوسيا. وفي مرّ السنين، قدّم السكان التماسات إضافيّة في محاولة لمنع عمليّات الهدم والسماح بتخطيط القرية، إلاّ أنّ القضاة رفضوا الأمر بمنع هدم المباني. في العام 2011 هدمت الإدارة المدنية 10 مبان سكنية في القرية، ستة مبان استخدمت حاجات معيشية واربعة ابار ماء.

منع محاولات تخطيط القرية

يعيش في خربة سوسيا اليوم قرابة 250 شخصًا دائمين ونحو مئة آخرين يمكثون فيها بشكل موسميّ لكسب أرزاقهم. وفي نهاية عام 2012 قدّمت منظمة “شومريه مشباط”- حاخامات من أجل حقوق الإنسان، إلى الإدارة المدنية، وباسم سكان القرية، خارطة هيكليّة للقرية. وفي كانون الثاني 2013 أعلمت الدولة المحكمة العليا بأنّ الإدارة المدنية تنظر في هذا المخطط، وحتى اتخاذ قرار بشأنه، لن تُنفذ أوامر الهدم في المكان.

في تشرين الأول 2013، رفضت اللجنة الفرعيّة للتخطيط والترخيص التابعة لمجلس التخطيط الأعلى في الإدارة المدنيّة، الخارطة الهيكليّة المقترحة. عكست المسوّغات من وراء رفض الخارطة الهيكليّة تعاملاً غير موضوعيّ واستعلائيًا، إذ اُدّعي أنّ الانتشار الواسع للقرى الصغيرة في المنطقة، ومن بينها خربة سوسيا، لا يسمح لمدينة يطا بتوفير خدماتها للقرية مثل خدمات التربية والرفاه والدين والصحة كما يجب، إذ أنّ ذلك يُبهظ الخزينة العامة. ويأتي هذا في الوقت الذي تقوم فيه الجهة التخطيطيّة ذاتها بتنظيم وتسوية عشرات البؤر الاستيطانيّة الصغيرة المنتشرة في الضفة الغربيّة، وترفض تسوية مكانة القرية الفلسطينيّة. وقالت اللجنة الفرعيّة أيضًا إنّ الخارطة المقترحة ستُكرّس المبنى المجتمعيّ القائم على الانتماء العائليّ، الأمر الذي سيمسّ بفرص الفرد والمرأة الفلسطينيّة خصوصًا، التمتع بالأفضليّات الكامنة في الحياة المدنيّة، مثل أدوات الدفع الاجتماعيّ وفرص تكسّب الرزق والتعزيز الثقافيّ والتربويّ:

“المبنى المدنيّ يربط الناس ويقرّب بينها ويضاعف الفرص، ويُثري الآفاق لكلّ واحد وواحدة في داخل عائلته وقبيلته وفي ضمن المجتمع الواسع أيضًا. ولذلك، نحن نرى أنّ الخارطة الهيكليّة الحاليّة تشكّل محاولة أخرى لمنع السكان الفقراء من إمكانيّة التقدّم وإمكانيّة الاختيار بين مصادر الرزق الجزئيّة أو مصادر أخرى، وتمنع المرأة الفلسطينيّة من الخروج من دائرة الفقر، وتمنع عنها فرص التعليم والعمل. وعلى هذا النسق فإنّ هذا المخطط يمنع الطفل الفلسطينيّ من رؤية كلّ الإمكانيّات المتاحة أمام أيّ إنسان آخر، إذ أنها تحدّد مصيره بالعيش في قرية صغيرة وبالية لا تملك الأدوات اللازمة للتطوّر. نحن نوصي برفض المخطط.”

 

وأوصت الإدارة المدنيّة أمام سكّان خربة سوسيا بالمبادرة لتخطيط بديل في مكان أقرب من مدينة يطا، بما أنّ القرية تقع على بعد كيلومترات عديدة من مدينة يطا، الواقعة في منطقة A. لكنّ ما أوصت به اللجنة على أرض الواقع، هو إبعاد سكّان خربة سوسيا عن منطقة C.

ibrahimBW2