٠٠٠ - مسافر يطا

في الصحراء
يبزغ الفجر
والبعض يعرف ذلك
هايكو 8 (شعر ياباني)
خورخي لويس بورخيس
17 بيت هايكو
الفراغ هو مسافة بين شيئين، وقد يكون أيضا جزءا من الشيء ذاته والذي ينتمي إليه وفي الوقت ذاته هو غريب عنه. هذه هي حكاية مسافر يطا التي هي بمثابة مسافة داخل مسافة أخرى، وعالم لا يشبه غيره. هناك حكاية بالأرقام، فهذا المكان في العهد العثماني كان ينبغي أن يدفع الضرائب عن الأرض وعن الحيوانات، وكلما كان يأتي جابي الضرائب كان الجميع يختفون عن الأنظار، ما يدفع الجابي إلى أن يكتب في تقريره “صفر، صفر، صفر”. صفر تعني لا شيء، الفراغ أو العدم. وما بين الصفر وبين المسافر كانت المسافة قصيرة تقارب ‘لى حد بعيد المسافة بين المكان وبين مدينة يطا. وهنا كالصفر تماما لا يوجد شيء سوى الفراغ. وفي الوقت ذاته يمكن احتواء الكل، وبالمحصلة هنا الحياة بسيطة، كيف لا وهي حياة أناس يعيشون قريبا جدا من القاع، قريبا بحيث ينام الكثيرون منهم في رحم القاع في الكهوف التي نحتوها هم وأجدادهم، وأجداد أجدادهم في الصخر. الحياة بسيطة لدرجة أن جميع الناس يقومون بالعمل ذاته من أجل البقاء، وهو تربية الماعز والخراف وبعض الزراعة الخجولة في حالات نادرة. هنا في العدم يعيش سكان فلسطينيون لا احد يعرف عنهم في فلسطين أو خارجها، في منطقة لا يوجد فيها ماء ولا كهرباء ولا طرق، يعزلها عن باقي الضفة الغربية حزام من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية والتي تفاقم معاناة السكان وتجعل الحياة في المكان تزداد صعوبة يوما بعد يوم. في المنتصف وفي الفراغ يعيش أهل مسافر يطان ويحبون ويتكيفون، ويحافظون على نمط حياتهم والذي لا يختارونه بمحض إرادتهم في كثير من الحالات، فالآخرون والأغراب هم أصحاب القرار هنا. هناك أيضا حكاية جديدة بالأرقام. المنطقة صفر، صفر، صفر، تحولت إلى 918 وهو الرقم الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي على المنطقة فأصبحت تسمى منطقة إطلاق النار 918. لذلك طالبوا بترحيل السكان بأسرع وقت ممكن ولا يزال الطلب قيد البحث، وكل شيء هنا يقرره الآخرون والأغراب. يقول البعض إن نمط الحياة هذا لم يبق من عمره سوى أيام معدودة، فيما يقول آخرون إن كل شيء سيظل على حاله. هنا حيث الفجر ثمة من لا يتفوه بشيء.
من قبل المقال المصور الخاص بالمسافر التابع ل إدواردو سوتيراس جليل