
علي عوض يتحدث عن الصداقة
علي عوض من قرية طوبا يروي قصة حول صداقة مثيرة.
النص
علي إبراهيم علي عوض
اسمي علي إبراهيم علي عوض من سكان خربة الطوبا أود أن أروي قصة حول إنجاز مشروع الكهرباء عندما تعرفت للمرة الأولى على إلعاد وفريقه جميعا الذين عملوا على المشروع من خلال “كوميت”، كانت لدي في البداية ربما تحفظات معينة، لأني لم أكن أعرفهم هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى هم قادمون من بلاد…ولن تستطيع أن تعرفهم من لقاء واحد، أو لقائين أو حتى ثلاثة لقاءات، لكن بالتدريج حدث التواصل ونشأت المحبة بيننا وبين هؤلاء الناس الذي أتوا بالطبع لمساعدتنا، بينما يقول الطرف الآخر إنهم لم يأتوا لمساعدتنا.
كان فريقا كبيرا جدا، وأخبرني “عزرا” من مؤسسة تعايش “سوف ننجز مشروعا للكهرباء والخلايا الشمسية والتروبينات الهوائية، لكننا نحتاج مساعدتك يا علي أنت وجيرانك أحمد عمر وعائلة إبراهيم.” سألنا عما هو المطلوب منا فقالوا نريد فريقا من المتطوعين الفلسطينيين ليعمل مع فريق من الاسرائيليين والأجانب، ونريد منكم توفير مكان للسكن. الفكرة طرحت علي لأنني متواجد دائما بحكم عملي كسائق تراكتور، وكنت أشارك سابقا في فعاليات وكان لديهم رقم هاتفي. عندما طرحت الفكرة على الجيران أبدوا استعدادهم التام للقيام بكل ما هو مطلوب، فقالوا لنا إن الفريق الفلسطيني سيعمل تطوعا ويجب أن يكون لديه كل ما يلزم وأن يضم معلما، فأبدينا الموافقة.
أخبرونا انهم مستعدون للسكن في منزل أو في مغارة، وسيتناولون وجبتي الفطور والعشاء في بيتك وما تبقى سيكون في الجوار. أما مكان العمل فسيكون الطوبا، ومغاير العبيد، والصفي الفوقا، والصفي التحتا وأم الخير. تم إضافة أم الخير في المرحلة الأخيرة. أبلغت الجيران الذين تقبلوا الأمر بصدر رحب. توجد مغارة هناك حيث تتواجد الجمال، فشكلنا ما يشبه اللجنة أو لنقل بذل كل منا ما بوسعه وأحضرنا الفراش إلى المغارة وكان كل شيء على ما يرام. أذكر أن هذا كان في الثامن من كانون الثاني 2010 أي قبل ستة أعوام. كان يوم أحد وجاء الفريق وقد استأجروا سيارات ومعهم سيارة من مؤسسة “كوميت”. كان أول ما قمنا به هو إعداد حفرة للتأريض (الإيرث) ومن ثم تركيب 3 خلايا شمسية وبعد ساعة ونصف الساعة أصبح التيار الكهربائي متوفرا من خلا ست بطاريات للتخزين.
أجمل ما في الأمر أن الفريق الفلسطيني والأجنبي كانوا يعملون أثناء النهار وفي ساعات المساء نجتمع جميعا قرابة 20 شخصا في المغارة. كان المسئول عنهم يعطي ملاحظات حول أداء أفراد الفريق الإيجابي أو السلبي، كان شيئا جميلا وكنا نسهر حتى العاشرة أو الحادية عشرة ليلا، واستمر ذلك ثمانية أيام وكانت بداية العمل الميداني. ثم أخبروني أنهم سيغادرون مدة 35 يوما وسيعودون بعدها ليعملوا بالطريقة ذاتها أي أن يقيموا في المكان ويعملوا. وبعد 35 يوما عادوا وأكملنا المشروع، وفي نهاية المشروع قالوا إنهم سيقيمون احتفالا على نفقتهم وليس على نفقة السكان المحليين. كان احتفالا بسيطا قدمت فيه الفواكه حيث أقمنا خيمة قرب البيت هنا ودعونا أناسا من الخرب التي شملها المشروع، وحضر قرابة 100 شخص ما بين سكان محليين وأفراد فريق العمل. كان يوما جميلا إذ استغرق حوالي 5-6 ساعات حتى ساعات ما بعد العصر. في المساء بقي المهندسون إلعاد ونوعم وكنت أنا معهم أنقل الأغراض وأتلقى أجرة مقابل لمصاريف التراكتور فقط. كنت أنقل المواد الخاصة بالمشروع من أم الخير ومن يطاز وفي تلك الفترة ترك إلعاد حقيبة عند والدتي. كانت سيارة الفورد المهجورة هنا، فأخذت أمي الحقيبة ووضعتها في البيت. وبعد أن تناولنا العشاء هنا بعد الاحتفال كان إلعاد وعزرا قد طلبوا من الآخرين أن ينتظروهم حوالي 15 دقيقة كي “نودع علي في بيته”.
حتى الآن عندما نلتقي ونتصافح أنا وأفراد الفريق من فلسطينيين وأجانب وإسرائيليين لا تكون مجرد مصافحة عادية بل عناقا كما لو أننا أشقاء، وهو يذكرونني في كل مناسبة، فيقولون إنهم أتوا إلينا واستضفناهم مدة من الزمن وتطورت بيننا علاقات أخوية، وقد كنا بالفعل كالأشقاء. سأروي لكم باختصار حكاية إلعاد عندما أحضر زوجته وصادف أن ناقة كانت تضع مولودا فأخذت تنظر إليها، وقالت لها والدتي “انظري ها هي الناقة تلد فلماذا لم تنجبي أنت طفلا” فقالت إننا لم نقرر أن ننجب طفلا بعد، وجهت والدتي السؤال ذاته إلى إلعاد، الذي أصبحت تربطها به علاقة قوية، فقال لها إننا لم نقرر بعد أن ننجب طفلا، فقالت له أنت الآن متقدم في السن وكان عليك أن تنجب طفلا في صغرك، فقال لها سنفكر في الأمر. وبعد غياب دام فترة اتصل بي وقال لي إن “حجيت” حامل فأبلغت والدتي. قال لي وقتها إن والدتي هي صاحبة الفكرة لأنهم لم يفكروا في الإنجاب، وبعد أن أصبح عمر طفلهم 5-6 أشهر جاؤوا لزيارتنا ومعهخم الطفل لتراه والدتي، وكان فرحا بطفله وخصوصا أن والدتي البالبغة من العمر 65 عاما كانت صاحبة الفكرة وهي التي شجعته على إنجاب طفل. كان إلعاد يسكن في بيت شيمش وكان لدي تصريحا لدخول إسرائيل فزرته في بيته وكنت صائما وعند الساعة الثالثة فجرا أفاق من نومه وأعد لي الشاي وطعام السحور فأكلت ودخنت السجائر ثم خلدت للنوم. وعند الساعة الحادية عشرة صباحا أقلني في سيارته حيث كان متجها إلى مكان عمله، وأوصلني إلى مزرعة الأبقار ومن هناك عدت إلى منزلي. أتوجه إليهم جميعا بالشكر، وأشكر الله أن رزقني بأناس من الطرف الآخر ليكونوا أصدقاء لي من ناحية ومن ناحية أخرى أنجزنا مشروعا للمنطقة، فحمدا لله على ذلك، وأتمنى أن تصبح أنت صديقا لي أيضا وتأتي لزيارتنا واحتساء الشاي.