جنبا السحرية

 اسمي أ.و، ولدت في كهف في خربة بير العد عام 1988، و بعد ذلك قام الجيش الإسرائيلي بطردنا من خربة بير العد، فانتقلنا إلى جنبا، و الآن أعيش في جنبا. تزوجت قبل ثماني سنوات، و عندي ابنة واحدة في الصف الثاني و ابنان أيضا.

أريد أن أخبركم عن الحياة هنا في جنبا. السكان هنا يعيشون حياة بسيطة، و يعملون في تربية الأغنام، و يعتنون كثيرا بأغنامهم، و يأخذون أغنامهم الى الاماكن الرعوية في أراضيهم، و هكذا هي حياة الرجال.

أما بالنسبة للنساء فنحن نعمل على تنظيف حظائر الأغنام، و ترتيب بيوتنا، و نعتني بتربية أبنائنا. عندما أنتهي من عملي خاصة في فصل الربيع، أحب أن أنظر إلى الجبال والشمس، و في الربيع يكون الطقس هنا جميلا جدا، و أنا أستمتع بالنظر إلى الأرض الخضراء، وإلى الطيور .

jinba-1-8

هذا المكان لا يوجد فيه عدد كبير من الناس، ومن الصعب وصول السيارات إليه، لذا فهو مكان مميز للعيش والإسترخاء، وتستطيع العيش فيه كيف تشاء .

أود أن أخبركم عن صورة رائعة جدا في مخيلتي عندما كنت صغيرة جدا، و لم أكن قد انتقلت من بير العد للعيش في جنبا. كنت بالعادة أنظر إلى جنبا من بير العد، و كنت أشاهد الحقول الخضراء من حولي. لقد كانت صورة جميلة جدا، و لا تزال محفوظة في مخيلتي.

أنا أحب الصيف أيضا، لأن كل شيء يكون أصفر، أصفر ، أصفر ، كل شيء باللون الذهبي.

نحن نعيش في خيام بلاستيكية، لأن الاحتلال الإسرائيلي لا يسمح لنا ببناء البيوت العادية، لذلك في الشتاء نسمع صوت تساقط حبات المطر على سقف الخيام البلاستيكية، وأنا أستمتع بسماع ذلك الصوت منذ بدأت العيش في الخيام البلاستيكية. وفي الربيع أستمتع بالحقول الخضراء، وفي الصيف أستمتع بالحقول الذهبية، إنها مثل السحر، وجنبا أيضا سحرية، وكل الأراضي الفلسطينية ساحرة الجمال.

جدي وجدتي ولدوا هنا، في المكان الذي كان يعيش فيه آبائهم و أجدادهم. جميعهم و لدوا هنا وماتوا هنا أيضا. والد جدي اسمه (حسين محمود جبارين) (أبو خالد) ، وجدي اسمه (أبو علي). الكثيرون يأتون من أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية لرؤية جدي و مقابلته، لأنه إذا رغبت بأن تعرف شيئا عن جنبا وباقي القرى، تستطيع أن تسأله عن هذه القرى، وعندما و افته المنية حزن الكثير من الناس لفراقه لأنهم أدركوا أنه ترك فراغا كبيرا.

ذات يوم جاء رجل من أهل  البادية  (بدوي) يسأل عن جدي (أبو علي) ظنا منه أنه لا يزال حيا، و لم يكن يعلم بوفاته، وعندما قيل له إنه قد مات، حزن عليه ذلك الرجل، حتى أنه بكاه بكاءًا شديدا.

تستطيع أن تسأل الكثيرين عن جدي (أبو علي) فالجميع حزنوا عليه عندما توفي، لأنه كان رجلا عظيما، ولطيفا جدا. لم يكم يهتم كثيرا بشأن الاحتلال، وقال إنه يريد أن يعيش هنا، وكان له ذلك. كان يحب أغنامه، و يحب كهوفه كذلك. إذا شئت أن تعرف من هو (أبو علي)، اذهب إلى الجبال، اذهب إلى الكهوف، انظر إلى الأغنام، انظر إلى البيوت والخيام، اسأل الصخور عنه، جميعها سوف تخبرك عنه.

أهم إنسان في حياتي هي أمي، وأنا أحبها كثيرا، وهي تعني لي الكثير، لأنها هي التي علمتني أن أكون صبورة، و علمتني كيف أعيش بين الناس، ﻷنك تحتاج للتعرف على الناس، لكي تكون قادراً على أن تعيش بينهم، وفي كثير من الأحيان عندما أفقد نفسي، أنظر فقط إلى أمي.

تستند هذه الفقرات إلى مقابلة أجريت مع (أ.و) من قرية جنبا في آذار 2016.